موقفنا من انتخابات مجلس الشعب في سوريا

سوف تجري في 15 تموز من هذا العام انتخابات مجلس الشعب مرة أخرى في سوريا. هذه المهزلة الانتخابية مازالت تشكل أوهام للكثيرين من العمال والفلاحين بأنه يمكن أجراء إصلاحات ولو بسيطة لوضعهم عن طريقها. هذا التصور يعززه موقف الحزب الشيوعي السوري الذي يملك مقاعد في البرلمان.

من جهة أخرى تدعو الكثير من التيارات السياسية المعارضة لمقاطعة هذه الانتخابات مبررين ذلك أن هذه الانتخابات قد ولى عهدها سياسياً و لكن من دون تقديم أي بديل للطبقات والفئات الكادحة في سوريا وبالتالي دعواتهم هذه لا تقل انتهازية ورجعية عن مشاركة الحزب الشيوعي السوري في الانتخابات.

بالنسبة لنا في تيار البديل الماركسي، نحن لا نملك أدنى وهم بأن مجلس الشعب قد يحسن ولو بشكل طفيف الوضع في سوريا. لقد أثبتت العشر سنوات الأخيرة أن أقل الإصلاحات هي بحاجة ثورة. لكننا لسنا مثل الذين يدعون لمقاطعة الانتخابات من دون أي فهم للواقع الحالي في سوريا ومن دون تقديم أي برنامج حقيقي يمكن للجماهير أن تقتنع فيه ومع الوقت سوف تدرك أن هذا البرنامج لن يتحقق إلا عن طريق الفدرالية الاشتراكية.

من الصحيح تماماً أن نقول أن النظام الطبقي في سوريا وكل ما هو مرتبط فيه قد ولى عهده منذ لحظة اندلاع الحراك الثوري السوري في عام 2011. فقد انطوت صفحة ديكتاتورية نظام الأسد الطبقي وبدأت مرحلة جديدة. هذا يعني قد ولى عهده “تاريخياً”. نعم هذا صحيح من ناحية العمل الدعوي. لكن شتان من بين هذا الاعتراف وما بين التغلب على نظام الأسد فعلياً. لأنه من الصحيح أيضاً أن نقول أن الرأسمالية و الديمقراطية البرلمانية المرتبطة بها قد ولى عهدها تاريخياً وبدأ عهد الديمقراطية العمالية ولكن من الناحية العملية مازال أمامنا نضال مديد جداً وعنيد للغاية لإسقاطها.

وفي هذا السياق علينا أن نصدر موقفاً كاملاً من هذه الانتخابات ومن مواقف القوى السياسية منها أيضاً.

موقفنا من مقاطعي الانتخابات

حال النظام الطبقي في سوريا مثل أي نظام بونابارتي في العالم. فهو يتوازن على أي نقطة ممكنة للتوازن. وبعد أن فقد حزب البعث كأداة سياسية و أيدولوجية للسيطرة (باعتراف بشار الأسد نفسه) فهو يذهب إلى تفعيل توازنه بشكل أكبر على نقاط توازن أخرى و أهمها بالنسبة له الآن انتخابات مجلس الشعب. فإن كان قد ولى عهد النظام الطبقي في سوريا تاريخياً هل يمكن القول أنه قد ولى عهده   “سياسياً”؟ هذا موضوع آخر تماماً.

مقاطعو الانتخابات نفسهم يبررون مقاطعتهم بأن هذه الانتخابات سوف تعزز موقع النظام الطبقي في سوريا كونها تصدر فكرة بأنه ديمقراطي . فعلاً هذا ما يحدث الآن. فقط بنظرة بسيطة على محركات البحث يمكن لأي شخص أن يرى أعداد المواقع الإخبارية الناطقة باللغة العربية والغير عربية والتي تتحدث عن هذه الانتخابات. الدليل الانتخابي الذي تنشره المنظمة الدولية للأنظمة الانتخابية لم ينشر فقط عن انتخابات مجلس الشعب، بل هم نشروا عن الانتخابات الرئاسية التي حصلت في عام 2020 حيث تضمنت الاحصائيات مشاركة 18.107.109 منتخب منهم 14.036 هي أصوات غير صالحة وتوزعت أصواتهم على ثلاث مرشحين منهم بشار الأسد الذي فاز بنسبة 95.19 %. هذه الاحصائيات يتم استخدامها في العديد من التقارير الإعلامية والسياسية وحتى الأكاديمية في كل أنحاء العالم نظراً لمصداقية المنظمة التي تنشرها ونحن نعرف أنها انتخابات مزورة وغير نزيهة.

إذاً كيف يمكن لانتخابات مجلس الشعب أن يكون قد ولى عهدها سياسياً وهم بذات نفسهم يعترفون أن نظام الأسد يستخدمها لتدوير نفسه وتصدير نفسه محلياً وعالمياً بمظهر الديمقراطي؟ هذا الموقف لوحده يدل على مدى القصور الفكري و الأيديولوجي لهذه القوى السياسية البائسة. هؤلاء العصبويون الذين ليس بوسعهم أن يميزوا بين أكثر من لونين هما الأبيض والأسود. لكي لا يقفوا في التجربة هم يختزلون الواقع و لأنهم عاجزون عن الوصول للجماهير فهم سريعاً ما يتهمونها بالعجز عن الارتفاع إلى مستوى الأفكار الثورية. لذلك نراهم دائماً يعيشون في حالة سخط متواصل متذمرين على الدوام وينصرفون إلى المناورات الصغيرة مثل مقاطعة الانتخابات من دون تقديم أي بديل أو أي تفسير وهم بالأساس معزولين جماهيرياً أكثر من مجلس الشعب بذات نفسه. النشاط البرلماني ليس بالضرورة هو الترشح فقط، بل التعاطي أيضاً مع هذه الانتخابات وتصدير موقف سياسي منها لما يترتب على ذلك من إزالة الأوهام لدى قسم من العمال و الفلاحين و من رفع مستوى الوعي الماركسي بين صفوفهم وهذا بحد ذاته تطور باتجاه الفدرالية الاشتراكية لما يتضمن من خطوة ولو كانت قصيرة باعداد الطبقة العاملة للاستيلاء على السلطة.

موقفنا من الحزب الشيوعي السوري

يبدو أن الرفاق في الحزب الشيوعي السوري مازالوا يسيرون على خطى حزبهم في أيام الحرب الباردة وربما لم يصلهم بعد خبر سقوط جدار برلين. هم مازالوا يقتدون بخطابات الأحزاب الشيوعية العالمية        ” الستالينية” وينقلونها عن طريق حفظها عن ظهر قلب إلى مجلس الشعب من دون أدنى محاولة لفهمها. هم لم يكتفوا فقط بنقل كوارث الأحزاب الستالينية العالمية إلى العمال والفلاحين في سوريا، بل أضافوا عليها كوارث أيديولوجية جديدة من انجازاتهم.

نشر أعضاء من الحزب الشيوعي السوري مقتطفات لحديث الأمين العام ” الدائم” للحزب الشيوعي السوري الدكتور عمار بكداش وسوف نقتبس بعضاً منه للرد عليه :

” نحن الماركسيون اللينينيون الحقيقيون ننظر إلى النشاط البرلماني بصفته جزءاً من الصراع الطبقي ..

 أي أنّ النشاط البرلماني هو جزء من الكل .. والكل هو الصراع الطبقي في سبيل انتصار الاشتراكية

نحن نعطي للنشاط البرلماني الأهمية اللازمة .. ولكن لا نضعه فوق كل نشاط كما تفعل ذلك الكثير من الأحزاب البرجوازية بما فيها الأحزاب الاشتراكية الديمقراطية .. “

الرفاق في الحزب الشيوعي،  ننصحكم في المرات القادمة عدم اقتباس العبارات عن طريق خاصية          ” نسخ – لصق” فهذه العبارات تناسب عمل شركائكم ( والتي لا نتفق معها أيضاً بسبب انتهازيتها) الذين يعملون في البرلمانات البرجوازية في الأنظمة الرأسمالية مثل الحزب الشيوعي الألماني حيث هناك يوجد فعلاً اشتراكيين ديمقراطيين و خارج البرلمان يوجد نقابات و منافذ أخرى للجماهير تمكنهم من القول بأنهم لا يضعون العمل البرلماني فوق كل نشاط (ومع ذلك فهم يضعونه فوق كل نشاط لأن مصطلح الثورة قد أختفى من كل مجلاتهم). أما في سوريا حيث يوجد نظام بونابارتي برجوازي  فلا توجد هذه الرفاهية بسبب شركائكم في الجبهة الوطنية التقدمية من البعثيين الذين قضوا على أي وجود لأي منظمة عمالية مستقلة.

ومع ذلك سوف نفند سياستكم الانتهازية وفق منظور لينين وماركس أنفسهم وقد سهلتم علينا الأمر بوصفكم لنفسكم ب”الماركسيين اللينيين الحقيقيين” وهو  أمر آخر نختلف معكم فيه جملة وتفصيلاً و السبب كالآتي:

لم يكن المهم بالنسبة ل لينين هو التواجد بالبرلمان بحد ذاته. لذلك نجد أن لينين رفض رفضاً قاطعاً في عام 1905 أن يشارك الاشتراكيين الديمقراطيين في الانتخابات البرلمانية الروسية بسبب المد الثوري آنذاك حيث اعتبر مطالبة الجماهير بترك الشارع و العودة للبرلمانية خيانة للطبقة العاملة. لكنه وافق عام 1907 على أن يخوض الحزب الانتخابات البرلمانية بسبب هزيمة الثورة وفي تلك الردة الرجعية و الخمول الثوري كان يرى في البرلمان منصة لتمرير برنامج جذري يربط المطالب الآنية للعمال و الفلاحيين بالثورة الاشتراكية.  لذلك كانت المشاركة  في البرلمانات البرجوازية بالنسبة ل لينين مرتبطة بظروف الحركة الجماهيرية و البرنامج الذي يجب طرحه ضمن هذا البرلمان و الأهداف النهائية لهذا البرنامج.

ماذا فعلتم أنتم عندما اندلع الحراك الثوري السوري في عام  2011 ؟ لقد قمتم بالضبط  بما حذر منه لينين و اعتبره خيانة للطبقات العاملة. وقفتم في مجلس الشعب لتمرير أكاذيب النظام ضد الحراك الثوري تحت مسمى دعم نظام الأسد ضد الهجمة الامبريالية. خيانتكم هذه تركت الساحة فارغة للقوى الرجعية والظلامية وبالتالي للقوى الامبريالية بذات نفسها لتقود الاحتجاجات إلى مصيرها الأسود. نحن و أنتم نعرف أن النظام الطبقي في سوريا كان ومازال حليف الامبريالية الوفي منذ دخول لبنان و اجتياح الكويت فقد قاتل الجيش السوري في الكويت تحت العلم الأمريكي ( اكبر قوة امبريالية رجعية في التاريخ). 

أما في أوقات الركود الثوري و الردات الرجعية ماذا فعلتم وماذا تفعلون الأن ؟ أنتم تجلسون في مجلس الشعب منذ سنين وبالوقت الذي كان من المفروض أن تمرروا برامج جذرية لمصلحة العمال والفلاحيين اتبعتم سياسة لا ترقى حتى لنقول عنها إصلاحية عندما كان ومازال سقف مطالبكم هو فقط توجيه النقد للحكومة حتى لا تزعجوا شركائكم البرجوازيين. توجهون نقدكم لليبرالية و انتم تدافعون عن من قام بلبرلة سوريا و قام بخصخصة الاقتصاد و فتح الأبواب لرأس المال المالي في المنطقة للدخول عن طريق المصارف الخاصة التي عظّمت أرباح البرجوازيين السوريين و زادت من فقر العمال و الفلاحين.

من جهة أخرى أنتم تفترضون وببرنامجكم هذا بأنكم تتموضعون على الطريق من الرأسمالية باتجاه الاشتراكية.  موقعكم هذا هو عكس أفكار لينين الثورية و من قبله ماركس و إنجلز أيضاً والذين أكدوا أن المرحلة الانتقالية ما بين الرأسمالية و الاشتراكية هي ديكتاتورية البروليتاريا ” الديمقراطية العمالية” حيث رفض لينين الفكرة القائلة بأنه يمكن عقد تحالف مع جزء من البرجوازية لمحاربة جزء آخر و مصادرته و رفض أن يكون هذا التكتيك هو جزء من المرحلة الانتقالية وهو تماماً التكتيك الذي تتبعونه في عملكم والذي تحول بطبيعة الحال إلى استراتيجية.

نقطة أخرى، وفق لينين وقبله إنجلز فإن الدولة تتكون من مجموعات من المسلحين ( الجيش والشرطة و الأجهزة الأمنية و فصائل عسكرية غير رسمية) و التي يتم استخدامها للقمع الطبقي وبالتالي لا يمكن ببساطة أن يتم تبنيها من قبل المضطَهَدين. يجب على البروليتاريا أن تحطم جهاز الدولة البرجوازي وتبني بدلاً منه جهازها الخاص. مرحلة الانتقال من الرأسمالية إلى الاشتراكية هي الديمقراطية العمالية التي سوف تصادر أملاك البرجوازيين وتبني الاقتصاد المخطط تحت رقابة العمال و الفلاحين و اللجان الثورية. هذه هي الحقائق التي تنتمي إليها أ.ب الماركسية ويعرضها لينين في كتاب ” الدولة والثورة”. أما برنامجكم وممارستكم البرلمانية يظهران بوضوح أن جهاز الدولة في سوريا بالنسبة لكم هو ” ميدان للصراع الطبقي و السيطرة البرجوازية في نفس الوقت” وهذا ما لم يتحدث عنه لا لينين ولا ماركس.

الماركسيون لا يرفضون الإصلاحات في وقت غياب الثورات مهما كانت هذه الإصلاحات صغيرة. لكن ما أسموه الماركسيين إصلاحات تشترط عليها أن تكون مجدية ومشربة بجهد واع وصلب لاستيلاء العمال والفلاحين على السلطة السياسية و أي سيناريو آخر غير ذلك لا يمكن أن يقود إلى الاشتراكية كما تزعمون أنتم بممارساتكم بل ستتحرك الأمور في الاتجاه المعاكس وهذا ما حدث فعلاً.

نقول للشباب والشيوعيين الصادقين في الحزب الشيوعي السوري: أقرأوا كتاب الدولة والثورة و أًصروا على مناقشة هذه الأسئلة: هل يجب أن يتراجع العمال والفلاحيين و الشيوعيين عن مطالبهم الثورية كي لا يخيفوا البرجوازيين؟ أم يجب على الشيوعيين أن يروجوا علانية لآرائهم و أهدافهم الثورية؟ لماذا لم يصادف حتى الآن ولو سطر واحد في أي من منشوراتكم  يحمل منظوراً ثورياً ؟

موقفنا من دعاة الديمقراطية البرلمانية

الجميع يتحدث عن الديمقراطية ولكن نحن الماركسيون نسأل في خدمة أي طبقة ستكون هذه الديمقراطية و من سوف يقوم بتنفيذها والاشراف عليها. معظم التيارات السياسية في سوريا الآن تطرح فكرة البرلمان بصفته هو الحل. حتى البعض ممن يسمون أنفسهم شيوعيين يعتبرون سوريا الديمقراطية البرلمانية من الممكن أن تكون مرحلة باتجاه الثورة الاشتراكية. على الرغم من التجارب القريبة جداً مثل مصر و تونس إلا أنه مازال من الصعب على هؤلاء السذج استيعاب أنه لا حلول على أسس رأسمالية. هنا سيتحفنا الأكثر ذكاءً من هؤلاء بقوله بأننا ديكتاتوريين لأننا لا نريد الحلول البرلمانية.

عندما نقول بأننا لا نريد الديمقراطية البرلمانية فلا يعني أن المخرج من البرلمانية هو الغاء المؤسسات التمثيلية والحق الانتخابي. بل ما نريده هو تحويل صيغة هذه المؤسسات التمثيلية من كونها ندوات للثرثرة شبيهة بسوق عكاظ يقصدها من كل حد وصوب من يريد القاء الخطب والأشعار إلى مؤسسات عاملة فعلاً تمارس الديمقراطية من الأسفل وبشكل يومي..

كانت الرأسمالية في فترة صعودها قادرة على إنجاز تطورات ضخمة. لقد طورت القوى المنتجة إلى درجة غير مسبوقة في تاريخ البشرية كله وبالتالي كانت قادرة على توسيع حدود الحضارة الإنسانية.

في تلك الأثناء وعلى الرغم من الطبيعة الاستغلالية للطبقة البرجوازية فإن التقدم الذي كان يحرزه المجتمع أدى إلى تنامي روح التفاؤل والتقدم التي كانت ميزة الليبرالية القديمة. كما أشار ماركس في البيان الشيوعي ” كل مرحلة من مراحل تطور البرجوازية تلك كانت مشفوعة بتقدم سياسي مطابق”. لذلك فقد كانت الديمقراطية البرلمانية في فترة صعود البرجوازية قادرة على الإقناع.

 وبعد أن وصلت الرأسمالية العالمية إلى مرحلة انحطاطها بسبب عدم القدرة على الاستمرار بتطوير وسائل الإنتاج سقط القناع الذي كان يغطي الوجه القبيح للإيديولوجيا الليبرالية. إن الهم الوحيد للشركات الكبرى في العالم بأسره هو مراكمة الثروات من خلال النهب والفساد وسرقة المال العام. بالمحصلة فإن الليبرالية بصفتها إيديولوجيا الطبقة البرجوازية غطت وجهها القبيح بقناع التفاؤل. أما الآن وبعد أن تحول التفاؤل إلى سخط أصبحنا نرى الوجه الحقيقي

☭ ناضلوا من أجل الديمقراطية العمالية

غالباً ما يُقال بأن الاشتراكية والديمقراطية لا تتوافقان ويستند أصحاب هذا الادعاء على ما حدث في روسيا الستالينية و المعسكر الاشتراكي الذي بني على صورتها. نحن الماركسيين نقف على النقيض من ذلك تماماً. نحن ندرك بأن الديمقراطية الحقيقية هي الأساس لكي تعمل الاشتراكية وتزدهر. لكننا هنا نتحدث عن الديمقراطية العمالية أي ديمقراطية الأغلبية. سيتمكن العمال و الفلاحون في كل مكان عمل وفي كل حي بأن يقوموا بانتخاب ممثلين عنهم وعلى عكس البرلمان سيكون لهذه المجالس سلطة تنفيذ القرارات التي تصدرها هي بنفسها.

سيتم انتخاب الممثلين بكل ديمقراطية و سيكونون خاضعين بشكل حاسم للمحاسبة و الحق في عزلهم. ومن أجل التصدي للوصولية يجب ألّا يتقاضى أي من هؤلاء المنتخبين أكثر من متوسط أجر عامل ويجب ألا يشغلوا المناصب أكثر من مدة معينة للسماح بمشاركة أكبر عدد من الناس بإدارة المجتمع. هكذا فقط يمكننا السيطرة الحقيقية على شؤون حياتنا عندما يتم ممارسة الديمقراطية من الأسفل للأعلى و بشكل يومي وليس خمس دقائق فقط كل خمس سنوات لانتخاب من سوف يقوم بخداع الجماهير في البرلمان عندما يتكلم باسمهم ثم ينفذ مصالح مموليه من الرأسماليين في الديمقراطية الرأسمالية .

في مقالته لصحيفة ” البرافدا” في 3 مايو من عام 1917 وصف لينين ببراعة هذه الديمقراطية :

’’تعلموا الديمقراطية في الممارسة على الفور بأنفسكم في القاعدة و استنهضوا الجماهير إلى الاشتراك الفعلي، المباشر و العام في الإدارة. ففي هذا وحده ضمان انتصار الثورة التام و زحفها الثابت المتبصر و المنتصر و المنظم إلى الأمام’’.

هذه الديمقراطية العمالية والتي استطاعت في سنواتها الأولى بناء أسس الاقتصاد المخطط في روسيا و نقلت الاقتصاد الذي كان آنذاك شبيه بالاقتصاد الباكستاني اليوم إلى اقتصاد صمد في وجه تدخلات 21 جيش امبريالي اجتاحوا الاتحاد السوفياتي. كما صمد بوجه الجيش الأبيض القيصري المدعوم من الدول الغربية وفيما بعد أمام آلة الحرب النازية في الحرب العالمية الثانية. لطالما قلنا أن من انتصر في الحرب العالمية الثانية ليس ستالين و انما الاقتصاد المخطط على الرغم من وجود ستالين. هذا الاقتصاد الذي أسسه البلاشفة تحت قيادة لينين و تروتسكي و شوهته بيروقراطية ستالين. هذه البيروقراطية التي توقع تروتسكي نتائج أعمالها منذ البداية على النحو التالي: إما ثورة عمالية جديدة ليستعيد العمال السلطة من البيروقراطية الستالينية أو الذهاب بطريق الرأسمالية.

إن أردنا تحقيق التغيير الجذري والعميق، لا يجب أن نسعى فقط لإسقاط نظام بشار الأسد، بل أن يكون بديل هذا النظام هو نظام الديمقراطية العمالية. هكذا فقط يمكننا تطوير اقتصاد منتج و تصدير الثورة الاشتراكية لكل بلدان المنطقة. هكذا فقط يمكننا وضع كل الإمكانات البشرية والصناعية والزراعية و العسكرية في خدمة بناء الفيدرالية الاشتراكية الشرق أوسطية. ان كنتم تتفقون معنا تنظموا في الأممية الشيوعية الثورية، تنظموا في البديل الماركسي لنخوض نضالاً مشتركاً ضد الرأسمالية العالمية ووكلاءها في المنطقة من أنظمة استبدادية طبقية.

  • البديل الماركسي

    Related Posts

    13 سنة من الإفلاس العام: لا بديل عن الثورة الاشتراكية

    صادف شهر آذار من…

    لا حلول في إدارات ذاتية معزولة… ناضلوا من أجل فدرالية اشتراكية شرق أوسطية

    كان القرار الذي أصدره…

    اترك تعليقاً

    لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *