تقريرنا حول التطورات الأخيرة وموقف البديل الماركسي – سوريا منها

الخطوط العريضة:

☭ النضال الطبقي في السويداء يتجذر بنزول عشائر الجنوب إلى الساحة ومن جهة أخرى حلب ودمشق وريفها ودير الزور تدخل إلى خط التظاهرات.

الشرائح الثورية والطبقة العاملة تتجاوز أسباب التفرقة والتشتت وتتجاوز كل التضليل الذي تقوم به بعض القوى السياسية والزعامات الدينية ولكنها مازالت تتطور بعفويتها التي لا يمكن أن تستمر بدون تنظيم يدفع بالحركة الثورية خطوة للأمام.

☭ السويداء بحاجة معبر إلى دمشق وليس معبر إلى الأردن.

☭ صانعوا أنصاف الثورات يحفرون قبورهم بأيديهم.

التقرير التفصيلي

الفقرات:

☭ الأولى: ردنا على دعوات هيثم المالح للنزول على الشارع يوم الجمعة.

☭ الثانية: ردنا على بيان الزعامة الدينية لطائفة الموحدين الدروز.

☭ الثالثة: ردنا على برنامج الحزب الشيوعي السوري الانتهازي.

☭ الرابعة: ردنا على بيان حركة 10آب وتضامن تيار اليسار الثوري معه.

✪ الفقرة الأولى: ردنا على دعوات هيثم المالح

نحن، في تيار البديل الماركسي، ندعو الفئات الثورية والطبقة العاملة المنتفضة في الشارع إلى عدم الالتفات إلى الدعوات التي صدرت من تنظيم الإخوان المسلمين الرجعي. قام المدعو هيثم المالح، والمعروف بتبعيته للإخوان المسلمين، بنشر إعلان يدعو فيه إلى التظاهر في كل المدن السورية، ولكن فقط يوم الجمعة.

هذه الدعوة، وفي هذا الوقت، لا يمكن اعتبارها سوى تضليل للشرائح الثورية المنتفضة في سوريا والتي نزلت للشوارع في السويداء وحلب ودرعا وبشكل يومي.

عندما يطلب أحدهم من الشارع أن يقلص أيام الاحتجاجات من السبعة أيام إلى يوم واحد، فهو يريد بكل بساطة إعادة تدوير أجنداتهم التي طالما لعبت دوراً مدمراً في الحراك الثوري السوري ومازلنا نرى نتائجها من عمشات وجولاني وجيش وطني في شمال وغرب سوريا.

نحن نقف ضد الاخوان المسلمين وضد أي دعوة تصدر عنهم ليس لأنهم مسلمين، كما يزعمون، بل لأنهم تنظيم سياسي يعبر في آخر المطاف، عن مصالح رجعية هي نفسها مصالح الطبقة الرأسمالية وبعض القوى الإقليمية والدولية، والتي ليس لها أي علاقة بمصالح الشعب السوري ولا مطالبه، وخداع الجماهير باستغلال المشاعر الدينية.

إن الإخوان المسلمين معارضون للنخبة الحاكمة الآن، لكنهم ليسو معارضين للنظام ككل، ليسو معارضين للنظام الرأسمالي، وهذا ما يجعلهم مرعوبين من احتمال تطور الحركة في اتجاه إسقاط النظام، وحريصون على إبقاء الحركة الثورية ضمن “الحدود المقبولة”، وهذا ما يفسر مناورتهم حصر الاحتجاجات في يوم واحد كل أسبوع وتحت سيطرتهم الحصرية.

✪ ثانياً: ردنا على بيان الزعامة الدينية لطائفة الموحدين الدروز

أصدرت الزعامة الدينية لطائفة الموحدين الدروز بياناً يتضمن مطالباً محددة، وقع عليه الشيخ حمود الحناوي والشيخ يوسف جربوع. تلخصت مطالب الزعامة الدينية في السويداء بضرورة تشكيل حكومة جديدة، والتراجع عن القرارات الاقتصادية الأخيرة، وأن تمارس المؤسسة الأمنية والشرطية دورها في الحفاظ على الأمن، وأن تكون عوناً للمواطن لا عليه، وفتح معبر للأردن. لكن هذه المطالب لم تلب توقعات الشارع الذي عبر عن سخطه منها وأصر على رفع مطالبه بإزاحة النظام.

هل فعلاً تغيير الحكومة، التي يتم تسمية وزرائها من قبل بشار الأسد نفسه، سيقوم بتغيير الأوضاع؟ هل سوف تكون الحكومة الجديدة، والتي وفق مطالبكم يجب على الشعب تقديم التضحيات للظفر بها تحتوي على ممثلين للشعب؟

أما فيما يخص مطلبهم بأن تمارس المؤسسة الأمنية والشرطية دورها وأن تكون للمواطن لا عليه فهو محض خداع الهدف منه إيهام كل من يريد الاستماع لهم بأن المؤسسة الأمنية جهاز محايد ضل طريقه وكل ما نحتاجه الآن هو بعث التماس لقادته لكي يعودوا إلى رشدهم. إن المؤسسة الأمنية جزء من جهاز الدولة البرجوازية، والتي هي أداة قهر وسيطرة في يد الطبقة الرأسمالية لتأبيد العلاقات القائمة هذه هي وظيفتها، وإن كانت تهتم بالحفاظ على أمن ما فهو أمن الطبقة السائدة ومصالحها.

لا يمكن لمثل هكذا أجهزة أن تقوم بدور داعم للطبقات العاملة والفقيرة مهما جرى إصلاحها فهي أداة بيد الطبقة السائدة، لذلك لا يمكن للجماهير أن تتحرر من السطوة الأمنية إلا بتدمير جهاز الدولة وإعادة بنائه من جديد تحت الرقابة الديمقراطية للعمال والجماهير الثورية.

أما فيما يخص التراجع عن القرارات الاقتصادية الأخيرة، فهذا كأنكم تقولون: إن حياة المواطن السوري قبل هذه القرارات كانت فعلاً حياة كريمة. هنا نريد تذكيركم حضرات المشايخ أنه قبل يوم فقط من صدور هذه الإجراءات كان 80 بالمئة من الشعب السوري يعيش تحت خط الفقر، وعليه فقد كان هذا القرار هو الشعرة التي قصمت ظهر البعير والذي أخرج للسطح تناقضات طبقية أكبر بكثير مما تريدون اختصاره في بيانكم. هذه التناقضات لا يمكن حلها بإجراءات إصلاحية تهدف إلى إصلاح النظام وإنما يجب تغيير البنية الطبقية في سوريا بشكل كامل ووضع السلطة بيد العمال والفلاحين.

التعليق الأخير بخصوص فتح معبر للسويداء إلى الأردن، ما تحتاجه الجماهير الثورية في السويداء اليوم هوفتح معبر لدمشق وليس للأردن. لا بد من اتخاذ الإجراءات التي تدفع بالحركة الثورية للأمام وليس للإجراءات التي الغاية منها عزل الفئات الثورية في السويداء عن باقي الجماهير في سوريا عن طريق التمهيد لصعود قوى سياسية تملك أجندات رجعية وخارجية وتسعى دوماً لتضليل الشعب بأن الحل هوإقامة إدارة ذاتية مصيرها المحتوم بأنها ستكون معزولة وتقودها أجهزة بيروقراطية لا قرار مستقل لها، على غرار الإدارة الذاتية في شمال وشرق سوريا. إسقاط النظام ليس كل شيء بل هوالخطوة الأولى. الخطوة الثانية والأهم هي الحديث عن بديل لهذا النظام قادر على الاستمرار ودفع الطاقات الثورية باتجاه الأمام.

لن يكون لمعبر الأردن أي فائدة للسويداء إن لم يكن هذا المعبر نفسه تحت رقابة العمال والفلاحين، وهذا لن يتم إلا إذا حصل تغيير على المستوى السوري، وبالتحديد في دمشق لأنه وبكل بساطة فإن فتح المعبر وإغلاقه في هذه الحالة سوف يكون بموجب العلاقة بين النظامين السوري والأردني على غرار معبر نصيب في درعا. وكمثال آخر معبر سيمالكا بين شمال شرق سوريا وكردستان العراق. على الرغم من وجود قيادة أخرى هناك فالجماهير لا تملك أي سلطة على هذا المعبر ويتم فتحه واغلاقه وفق المد والجزر في العلاقات السياسية بين الجانبين. لذلك ليصبح المعبر مفيداً، يجب أن يكون تحت رقابة الجماهير من الأسفل وليس تحت سلطة البيروقراطية التي فرضت نفسها من الأعلى.

✪ ثالثاً: ردنا على برنامج الحزب الشيوعي السوري الانتهازي.

طرح الحزب الشيوعي السوري بياناً في جوهره لا يختلف عن بيان الهيئة الروحية لطائفة الموحدين الدروز من حيث قيامه بتقديم برنامج يطالب فيه الحكومة، المعينة بمرسوم من رأس النظام السوري، بالتخلي عن النهج الليبرالي الذي اعتبره مستنقعاً لا قاع له.

نحن أيضاً نوافق الحزب الشيوعي السوري على هذا المطلب ولكن لتحقيقه لا بد من إسقاط الطبقة البرجوازية الحاكمة، والذي يعتبر نظام الأسد البونبارتي الطبقي جزءاً منها.

إن التخلي عن الليبرالية يتطلب البدء بتطبيق إجراءات اشتراكية وهذا بدوره يتطلب وبالدرجة الأولى وجود نظام اشتراكي فعلاً في الحكم، لأن من يعطي صفة الاشتراكية للإجراءات هي طبيعة النظام الذي تصدر عنها هذه الإجراءات.

وفي ظل استمرار وجود نظام بونبارتي-برجوازي في الحكم يضع الدولة والحكومة والنقابات والأجهزة القمعية في خدمة توازنه، لا يمكن تطبيق إجراءات اشتراكية والتخلي عن الليبرالية. هذا يتطلب وبالدرجة الأولى تمكن العمال والفلاحين من تشكيل مجالسهم المستقلة وانتخاب ممثليهم وقيامهم بحسم السلطة لصالحهم. وهذا لا يمكن أن يتم طالما أن نظام الأسد الطبقي باقٍ. وعليه إن كنتم صادقين أيضاً في برنامجكم فالساحات بانتظاركم لإسقاط نظام الأسد الطبقي ولعب دور البوصلة للعمال والفلاحين من أجل بناء مجالسهم المحلية وصولاً إلى حسم السلطة لصالحهم. عندها يمكن فعلاً القول بأنه أصبح ممكناً أن توجد في سوريا حكومة قادرة على انتشال الطبقات المسحوقة من المستنقع الليبرالي الذي لا قاع له.

✪ رابعاً: ردنا على بيان حركة 10آب وتضامن تيار اليسار الثوري معه.

رداً على دعوة الإخوان المسلمين، قامت حركة 10 آب بإبلاغ أفرادها ومجموعاتها بعدم التظاهر أبداً في مناطق سيطرة النظام. وتضامن مع هذا البيان وأكد عليه تيار اليسار الثوري في سوريا. وفق هذا السيناريو فإن الشارع الذي قدم لنا دروساً بالوعي المطلبي، قد صار عليه، وفق اقتراح الإخوان المسلمين، أن يخفض احتجاجاته من احتجاجات يومية إلى احتجاج ليوم واحد فقط وهو يوم الجمعة. بينما صار عليه وفق مطلب حركة 10 آب، الذي تضامن معه تيار اليسار الثوري، أن يخاف بطش النظام ويجب أن ينتظر تكتيكات النضال اللاعنفي التي تعمل الحركة على اعدادها وسوف تبدأ بها ربما بعد سنة مثلاً.

إن حركة 10 آب في هذا البيان وضحت للجميع بأنها لا تملك أي برنامج أو تكتيك أو استراتيجية. وبدلاً من أن يتعلموا من الماضي راحوا يذهبون لرفضه والقطيعة معه نهائياً. لذلك باتت وسائل نضالهم ومواقفهم طوباوية.

كيف يمكن النضال ضد نظام الأسد بشكل لاعنفي؟ هل يمكن فعلاً اسقاطه بقصاصات من الورق؟ تطلبون من الجماهير عدم النزول قبل طرحكم لوصفتكم الخاصة “كيف يمكن التظاهر ضد نظام الأسد بشكل آمن”؟. هل فعلاً أنتم تابعتم أخبار آخر عشر سنوات في سوريا؟

تيار اليسار الثوري من جهته، وبدلاً من أن يلعب دوراً واضحاً إديولوجيا وأن يعمل على توعية الشارع، راح لاسلوبه المعتاد المتمثل في اللعب على الكلمات، وأعلن تضامنه مع البيان، فأصبحنا نقرأ في بياناتهم بأنهم يدعمون توقف الاحتجاجات، التي كانوا، حسب زعمهم، أحد “أٍسباب اندلاعها”.

إن إيقاف المظاهرات، لو حدث، سيكون جريمة ترتكب في حق الجماهير. الثورة طريق ذهاب بدون إياب: هذا ما قاله المتظاهرون في الشارع. لذلك من واجبنا أن نقدم الخبرات الثورية للجماهير ومساعدتها على حسم السلطة، وليس أن نطلب منها العودة للمنزل لينتقم منها النظام شر انتقام.

وبالعودة للنضال اللاعنفي. على عكس الزعم الشائع عن الماركسيين الذي يصورهم على أنهم متعطشون للدماء، فإن الواقع هو أن الماركسيين يؤيدون الثورة السلمية للإطاحة بالأنظمة الطبقية. وحدهم المرضى النفسيون من قد يفضلون ثورة عنيفة حينما يكون هناك طريق سلمي ممكن. لكن المشكلة هي أن التاريخ يعلمنا أنه لا توجد طبقة سائدة تتخلى عن سلطتها وامتيازاتها بدون قتال. هل هذا يعني أنه على الطبقة العاملة أن تقبل ببساطة بالاستغلال وتتخلى عن النضال من أجل الاشتراكية؟ كيف يمكننا إذن أن نقلل من المقاومة العنيفة التي سوف تبديها الطبقة السائدة التي ترفض مغادرة مسرح التاريخ؟ المفارقة هي أنه لن يمكن ذلك من خلال التخلي عن الأساليب العنيفة، بل فقط من خلال تحضير طبقتنا للدفاع عن نفسها من خلال مواجهة أي مقاومة مباشرة، بالقوة إذا لزم الأمر.

تخيلوا لو حدث في معركة ما أن تواجه جيش مشكل من 10.000 جندي أعزل، مع مجموعة مشكلة من عشرة أعداء جميعهم مزودون بمدافع رشاشة. لا بد أن مجزرة سوف تترتب عن ذلك. لكن لو كان كل هؤلاء 10.000 جندي مسلحين بشكل مماثل، سيكون من الممكن لهم أن يجبروا هؤلاء الأعداء العشرة على الاستسلام دون إطلاق رصاصة واحدة. علينا أن نؤكد أنه من الممكن تماما للطبقة العاملة أن تستولي على السلطة بطريقة سلمية، شريطة أن نكون مستعدين للدفاع عن أنفسنا ضد أي رد فعل عنيف من جانب النظام الطبقي.

إن مهامنا كماركسيين الآن هي التواجد بين نضالات الجماهير بوضوح إديولوجي كامل، وليس القيام بتطويع تكتيكات الطبقة العاملة لصالح الليبرالية. و أن تبقى منصات البديل الماركسي الإعلامية أداة للنضال ضد الأكاذيب وأداة تتعلم منها الجماهير كيفية تنظيم العمل بطريقة جيدة.